أهمية التعرض للشمس لصحة العظام

في ظل ازدياد معدلات العمل عن بُعد، والبقاء داخل المنازل لفترات طويلة، أصبح قضاء الوقت تحت أشعة الشمس نعمة يتمناها الكثير من الناس. ورغم أن أشعة الشمس كانت تُعتبر في الماضي مصدرًا للقلق بسبب مخاطر الإصابة بسرطان الجلد، إلا أن العلم الحديث كشف عن فوائد صحية جوهرية للتعرض المنتظم والمدروس لأشعة الشمس ، خاصةً فيما يتعلق بصحة العظام.

فما العلاقة بين الشمس وصحة العظام؟ ولماذا ينصح الأطباء بقضاء وقت يومي تحت أشعة الشمس؟ وكيف يؤثر نقص فيتامين “د” الناتج عن قلة التعرض للشمس على صحة الجسم عمومًا؟

في هذه المقالة، سنقدم لك شرحًا شاملًا ومفصلًا حول أهمية التعرض للشمس لصحة العظام ، مع إبراز أهم الفوائد الصحية، والأوقات المناسبة للتعرض، والكمية المثالية التي يحتاجها الجسم، بالإضافة إلى بعض التحذيرات الواجب مراعاتها.

ما علاقة الشمس بصحة العظام؟

العلاقة المباشرة بين الشمس وصحة العظام تكمن في فيتامين د ، المعروف أيضًا باسم “فيتامين الشمس” . هذا الفيتامين ليس فقط ضروريًا للحفاظ على صحة العظام، بل هو أيضًا حيوي لعدد كبير من الوظائف الأخرى في الجسم مثل:

  • تعزيز المناعة
  • تنظيم مستوى السكر في الدم
  • الحفاظ على صحة القلب
  • دعم الصحة النفسية

ولكن على عكس باقي الفيتامينات، فإن الجسم قادر على تصنيع فيتامين د بشكل طبيعي عند تعرض الجلد لأشعة الشمس فوق البنفسجية من النوع B (UVB) . عندما تصيب هذه الأشعة الطبقة الوسطى من الجلد، يبدأ الجسم بتحويل الكولسترول الموجود في الجلد إلى فيتامين د الذي يتم استخدامه لاحقًا في العمليات الحيوية المختلفة.

بمعنى آخر، لا يمكن للجسم الاستغناء عن التعرض للشمس في تأمين كمية كافية من فيتامين د ، وهو ما يجعل هذا التعرض عاملاً أساسيًا في بناء عظام قوية وصحية.

كيف يؤثر نقص فيتامين د على العظام؟

إن نقص فيتامين د في الجسم له آثار سلبية مباشرة على صحة العظام، وقد يؤدي إلى عدة مشكلات صحية خطيرة، منها:

1. الكساح لدى الأطفال

الكساح هو مرض يصيب الأطفال نتيجة لنقص فيتامين د، مما يؤدي إلى ضعف في عظامهم وعدم تمكّنها من تحمل وزن الجسم، ما يسبب تشوهات في الشكل العام للأطراف أو العمود الفقري.

2. اللين العظمي لدى البالغين

وهو مرض مشابه للكساح ولكنه يصيب البالغين، ويتميز بضعف العظام وضعف تحملها للضغط، مما يزيد خطر الكسور حتى من دون حوادث كبيرة.

3. هشاشة العظام (Osteoporosis)

تشير العديد من الدراسات إلى أن نقص فيتامين د يساهم في تسريع عملية فقدان كثافة العظام، مما يؤدي إلى هشاشتها ويزيد من احتمال تعرضها للكسور، خاصة لدى المسنين.

4. آلام العضلات والعظام المزمنة

الأشخاص الذين يعانون من نقص في فيتامين د قد يشعرون بألم متكرر في العضلات أو المفاصل، وغالبًا ما يوصف هذا الألم بأنه غير واضح المصدر، مما يجعل التشخيص صعبًا في بعض الأحيان.

كم تحتاج البشرة من التعرض للشمس لتصنيع فيتامين د؟

السؤال هنا ليس فقط: هل الشمس مفيدة؟ بل أيضًا: كيف نستفيد منها بطريقة آمنة وفعالة؟

الإجابة تعتمد على عدد من العوامل مثل:

  • لون البشرة: البشرة الداكنة تحتاج إلى وقت أطول للتعرض لتحفيز إنتاج فيتامين د.
  • المنطقة الجغرافية: كلما ابتعدت عن خط الاستواء، قلت كمية الأشعة UVB المتاحة.
  • الوقت من اليوم: أفضل فترة لتصنيع فيتامين د هي قبل الظهر وبعده مباشرة، أي بين الساعة 10 صباحًا و2 بعد الظهر.
  • موسم السنة: في فصل الصيف تكون الأشعة أكثر فعالية من فصل الشتاء.

بشكل عام، يوصى بـ:

التعرض لأشعة الشمس لمدة تتراوح بين 10 إلى 30 دقيقة يوميًا، مع كشف الذراعين والساقين، بدون واقي شمس .

هذا الكم من التعرض كافٍ لمعظم الناس لتصنيع كمية كافية من فيتامين د، خاصة إذا كان الشخص لا يعاني من مشاكل جلدية أو طبية تمنع ذلك.

هل يكفي التعرض للشمس عبر الزجاج أو في الظل؟

للأسف، أشعة الشمس التي تمر عبر الزجاج لا تحتوي على نفس كمية الأشعة فوق البنفسجية الضرورية لإنتاج فيتامين د . كما أن التواجد في الظل أو تحت المظلة لا يعطي نفس الفائدة، لأن الأشعة المنعكسة من البيئة المحيطة ليست كافية لتحفيز التصنيع.

لذلك، من الأفضل دائمًا الخروج إلى مكان مفتوح وفي الهواء الطلق، وليس الاكتفاء بالجلوس بجانب النافذة.

مصادر أخرى لفيتامين د

على الرغم من أن الشمس هي المصدر الرئيسي لفيتامين د، إلا أن هناك بعض المصادر الغذائية التي تحتوي عليه، لكنها لا توفر الكميات الكافية لسد النقص:

  • الأسماك الدهنية (مثل السلمون والتونة)
  • صفار البيض
  • الحليب المدعم بفيتامين د
  • زيت كبد الحوت

ولكن، في حال كان الشخص لا يستطيع التعرض للشمس بانتظام، أو يعيش في منطقة ذات سماء مغيمة معظم أيام السنة، قد يُنصح بتناول مكملات فيتامين د تحت إشراف طبي.

التحذيرات: هل التعرض للشمس آمن تمامًا؟

رغم الفوائد الكبيرة للتعرض للشمس، إلا أنه يجب التعامل معه بحذر. فالإفراط في التعرض، خاصة لفترة طويلة دون حماية، قد يؤدي إلى:

  • حروق الشمس
  • الشيخوخة المبكرة للجلد
  • زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد

لذلك، يُنصح باتباع هذه الإرشادات:

  • التعرض يكون لفترة قصيرة وغير مفرط
  • يُفضل أن يكون في أوقات تكون فيها الأشعة أقل حدة
  • بعد الانتهاء من التعرض، يمكن استخدام واقي الشمس لحماية الجلد
  • يجب على الأشخاص ذوي البشرة الحساسة أو المرضى الذين يستخدمون أدوية حساسة للضوء استشارة الطبيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى