كيف تحافظ على صحة العظام أثناء الحمل؟

دليل شامل للعناية بصحة الجهاز الهيكلي خلال أشهر الحمل
الحمل فترة مليئة بالتغييرات الجسدية والنفسية، لكن واحدة من أقل المواضيع التي يتم الحديث عنها هي صحة العظام أثناء الحمل . فبينما التركيز غالبًا يكون على الجنين وتطوره، فإن الأم أيضًا تحتاج إلى عناية خاصة، وخاصة فيما يتعلق بعظامها وظهرها، التي تتعرض لضغط متزايد طوال أشهر الحمل.
أثناء الحمل، تمر المرأة بتغيرات هرمونية وفيزيولوجية كبيرة تؤثر على الجسم ككل، بما في ذلك الجهاز العضلي الهيكلي . ومن هنا تأتي أهمية اتباع خطوات مدروسة للحفاظ على صحة العظام، ليس فقط لتجنب الآلام، بل أيضًا لضمان ولادة آمنة وتعافي سريع بعد الولادة.
في هذه المقالة، سنتناول كل ما تحتاجين لمعرفته حول كيفية الحفاظ على صحة العظام أثناء الحمل، من التغذية السليمة إلى التمارين الآمنة وحتى الإجراءات الوقائية التي يجب أخذها بعين الاعتبار.
أولًا: لماذا تتأثر صحة العظام أثناء الحمل؟
لفهم أهمية الرعاية العظمية أثناء الحمل، نحتاج أولًا إلى إلقاء نظرة على الأسباب التي تجعل العظام أكثر عرضة للتغييرات:
1. زيادة الوزن
خلال الحمل، يزيد وزن الأم بشكل طبيعي، مما يضيف ضغطًا على العمود الفقري والمفاصل، وقد يؤدي إلى آلام في الظهر أو الركبتين.
2. التغيرات الهرمونية
يفرز جسم الحامل هرمون “الريلاكسين”، الذي يساعد في استرخاء الأربطة والمفاصل لتسهيل عملية الولادة، لكن هذا الاسترخاء قد يؤدي إلى عدم استقرار بعض المفاصل، مثل منطقة الحوض.
3. حاجة الجنين إلى الكالسيوم
يبدأ الجنين باستهلاك المعادن من جسم الأم، خصوصًا الكالسيوم، لبناء عظامه. إذا لم يكن النظام الغذائي غنيًّا بهذه العناصر، فقد تواجه الأم نقصًا فيها، مما يؤثر على صحتها العظمية على المدى الطويل.
4. تغير مركز الثقل
مع توسع الرحم، يتغير مركز ثقل الجسم، مما يؤدي إلى تعديل وضعية الجلوس والمشي، وهذا بدوره يسبب إجهادًا على الظهر والعمود الفقري.
ثانيًا: خطوات أساسية للحفاظ على صحة العظام أثناء الحمل
1. التغذية المتوازنة – حجر الأساس
التغذية تلعب دورًا محوريًّا في الحفاظ على صحة العظام، خاصة خلال الحمل حيث تزداد الحاجة إلى بعض المعادن والفيتامينات.
العناصر الغذائية الأساسية:
- الكالسيوم: ضروري لبناء عظام الجنين ودعم صحة عظام الأم.
- مصادر غذائية: الحليب ومنتجاته، السردين، الخضروات الورقية الداكنة.
- فيتامين D: يساعد في امتصاص الكالسيوم.
- مصادر غذائية: الأسماك الدهنية، صفار البيض، التعرض لأشعة الشمس.
- المغنيسيوم: يعزز صحة العظام ويقلل التشنجات العضلية.
- مصادر غذائية: المكسرات، البذور، الشوكولاتة الداكنة، الحبوب الكاملة.
- البروتين: ضروري لنمو أنسجة الجنين ودعم العضلات التي تحمي العظام.
- مصادر غذائية: الدجاج، البيض، العدس، الزبادي اليوناني.
💡 نصيحة: إذا كان نظامك الغذائي لا يوفر هذه العناصر بشكل كافٍ، قد يوصي الطبيب بتناول مكملات غذائية مناسبة.
2. شرب كمية كافية من الماء
الجفاف قد يؤدي إلى تصلب العضلات وتقلصاتها، مما يزيد من الضغط على العظام والمفاصل. لذلك، من المهم شرب ما بين 8–10 أكواب من الماء يوميًّا ، وزيادتها قليلًا في حالات الحرارة أو النشاط البدني.
3. ممارسة الرياضة بانتظام وبشكل آمن
الحركة المنتظمة ليست فقط آمنة، بل ضرورية لدعم العظام والظهر أثناء الحمل.
التمارين المناسبة:
- المشي: من أفضل التمارين الآمنة والفعالة لتقوية العضلات دون إجهاد المفاصل.
- اليوغا للحوامل: تساعد على تحسين المرونة والتوازن وتخفيف آلام الظهر.
- تمارين البيلاتس: تقوي عضلات الجذع وتدعم العمود الفقري.
- السباحة: تقلل الضغط على المفاصل وتوفر تمرينًا كامل الجسم.
🚫 احرصي على:
- استشارة الطبيب قبل بدء أي برنامج رياضي.
- تجنب التمارين التي تتطلب توازنًا عاليًّا أو احتمال حدوث سقوط.
- الاستماع لجسمك، وإذا شعرت بألم، توقفي فورًا.
4. الحفاظ على وضعية جسم صحي
الوضعية الصحيحة أثناء الجلوس، النوم، والمشي لها دور كبير في تقليل الضغط على الظهر والعظام.
نصائح لتحسين الوضعية:
- عند الجلوس: استخدمي وسادة دعم للظهر، واجعلي قدميكِ مسطحتين على الأرض.
- عند النوم: اجلسي على جانبك الأيسر مع ثني الركبتين، واستخدمي وسادة بين الساقين لدعم الحوض.
- عند الوقوف: وزعي الوزن على القدمين، وحاولي تجنب الوقوف لفترات طويلة.
5. استخدام الدعم المناسب للجسم
مع تقدم الحمل، يصبح استخدام أدوات دعم إضافية أمرًا مفيدًا لتخفيف الضغط على الظهر والبطن:
- حزام دعم البطن (Pregnancy Belly Band): يوزع وزن الرحم ويخفف من آلام الظهر.
- الأحذية الداعمة: اختاري أحذية مريحة ذات دعم جيد للمشي.
- وسائد دعم النوم: تسهل عليكِ النوم في وضعيات مريحة وصحية.
6. تجنبي الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة
البقاء في وضع واحد لفترة طويلة يزيد من الضغط على العظام والعضلات، ويؤدي إلى تصلبها. من الأفضل:
- المشي لدقيقة أو دقيقتين كل ساعة.
- تغيير وضعية الجلوس بانتظام.
- القيام بتمارين خفيفة لإطالة الظهر والرقبة.
7. النوم الجيد ودوره في صحة العظام
النوم الكافي ضروري لإعادة بناء الأنسجة وإراحة العضلات والعظام. من الأفضل:
- النوم لمدة 7–9 ساعات يوميًّا.
- استخدام وسائد دعم مناسبة.
- تجنب النوم على الظهر بعد الشهر الخامس لتجنب الضغط على الأوعية الدموية.
8. تجنبي العادات الضارة
بعض العادات اليومية قد تبدو بسيطة لكنها تؤثر على صحة العظام على المدى البعيد:
- التدخين: يقلل من تدفق الدم إلى العظام ويضعف كثافتها.
- استخدام الهاتف لفترات طويلة: يؤدي إلى انحناء الرقبة والظهر.
- رفع الأوزان الثقيلة: قد يسبب إجهادًا للظهر وآلامًا مزمنة.
ثالثًا: الفحوصات والرعاية الطبية
رغم اتباع جميع الخطوات السابقة، من المهم أن تخضعي لفحوصات دورية لمراقبة صحتكِ العامة وصحة عظامكِ.
ما يمكن أن يشمله الفحص:
- قياس مستويات الكالسيوم وفيتامين D في الدم.
- متابعة وزن الأم وزيادته لضمان أنها ضمن الحدود الصحية.
- تقييم الوضعية العامة وصحة الظهر.
- تشخيص أي آلام مستمرة أو تشنجات عضلية.
📌 إذا شعرتِ بأي من الأعراض التالية، يجب زيارة الطبيب:
- آلام شديدة في الظهر أو الحوض.
- تقلصات متكررة.
- تشنجات في الساقين.
- صعوبة في المشي.
رابعًا: نصائح إضافية من الخبراء
- استخدمي حزام دعم البطن أثناء المشي أو العمل.
- اختر حذاءً مريحًا بدعامة جيدة للظهر.
- لا تهملي الألم : قد يكون مؤشرًا على مشكلة تحتاج إلى تدخل.
- قومي بتمارين إطالة لطيفة يوميًّا لتحافظي على مرونة العضلات.
- اختاري كريمات مرطبة للجسم تحتوي على زيوت طبيعية لتقليل التوتر الجلدي والعضلي.
خامسًا: قصة واقعية – تجربة ناجحة
“كنت أعاني من آلام شديدة في أسفل الظهر خلال حملي الأول، حتى إنني بدأت أشعر بأن المشي أصبح صعبًا. بعد استشارة طبيب النساء، أرشدني إلى برنامج بسيط يتضمن تمارين يوغا خفيفة، وتعديل في النظام الغذائي، واستخدام حزام دعم البطن. خلال شهر، لاحظت تحسنًا كبيرًا، وأصبحت أستطيع التنقل بسهولة وبدون ألم.”